أصبح من قبيل التكرار أن الإعلام اليوم يشكل عصب الحياة المعاصرة، فنحن نعيش في عصر طابعه الغالب عليه انتشار البث الإعلامي وتوسع مدى هذا الانتشار على مستوى الكوكب. فالإعلام اليوم تجاوز الحدود وتخطى المسافات، بل قفز حتى على شروط الواقع الاجتماعي والتفاوت المجالي بين المدينة والقرية، بحيث إنك قد تجد مناطق في العالم العربي تفتقر إلى البنيات التحتية الضرورية كالربط الكهربائي مثلا، ولكنك تجد أن الإعلام حاضر فيها. ومن المعتاد أن يلاحظ المرء في هذه الجهات ذات المستوى التنموي المنخفض الأطباق اللاقطة أو (الدش) مزروعة فوق أسطح البيوت كالفطر.
وغني عن القول أننا في العالم العربي نعيش في وضع المستقبل والمتلقي، لا في وضع المرسل والباعث، إننا نتلقى البث الإعلامي ولا نصدره، وفي وضع كهذا تتزايد فرص الاختراق الثقافي، وتضيق مساحة الرؤية لدى جيل الشباب العربي، ويصبح للإعلام المعاصر الدور الأكبر في تشكيل وعي هذا الجيل، خصوصا في غياب البدائل الكفيلة بحفظ التوازن لديه، بين الارتباط بالهوية، والانسياق خلف البهرج الإعلامي الحديث.
**من الاستعمار إلى "السلطة الناعمة"***
يوجد الوطن العربي والعالم الإسلامي في مركز التأثير الإعلامي العالمي، والغربي منه بوجه الخصوص، ومرد هذه الأهمية أمران أساسيان: الأول أن العالم العربي والإسلامي هو المنطقة التي تضم أوسع قاعدة من شريحة الشباب، والشباب هو ضمير المستقبل. وتقول البحوث والدراسات التي أنجزت في الغرب حول مسألة التزايد السكاني في العالم إن المنطقة العربية ستضم عام 2025 نسبة من الشباب تفوق نصف السكان، هذا ناهيك عن الدول الإسلامية الواعدة ديموغرافيا، وفي مقابل هذا النمو في شريحة الشباب في الوطن العربي، ستواجه الدول الأوربية زحف الشيخوخة وتقلص شريحة الشباب. هذه المعادلة غير المتوازنة جعلت الغرب يدق ناقوس الخطر منذ وقت مبكر، ودفعته إلى نحت تعبير (القنبلة السكانية) في العالم الإسلامي، للتدليل على التهديد الذي يستشعره من التراجع السكاني فيه. ويقول عالم الديمغرافيا الفرنسي جون كلود تشيزني في كتاب حديث له بعنوان (أفول الغرب: السكان والسياسة) إن المعادلة السكانية المختلفة بين الغرب والإسلام ستؤدي بنظره إلى ما يسميه (انجراف القارات)، بسبب قوافل الهجرة نحو الغرب من بلدان العالم الإسلامي، ومن ثم إلى أفول الحضارة الغربية، أو ما يسميه (الدورة الحضارية الأوربية) التي ستتوقف.
أما الأمر الثاني، فهو الدين الإسلامي الذي يمضي في الانتشار. وتوضح الدراسات الاستشراقية الغربية أن الإسلام سيكون الدين الأول في العالم خلال العشرين سنة المقبلة، فيما ستتراجع نسبة معتنقي الديانتين المسيحية واليهودية والأديان الإحيائية الأخرى إلى مرتبة أدنى بعد الإسلام والكونفوشيوسية. وتلزم الإشارة في هذا الباب إلى أن نظرية صدام الحضارات للأمريكي صامويل هانتنغتون ترتكز على هذه المعطيات الرقمية، والمعطى الديمغرافي المذكور، وتخلص إلى تحذير الغرب المسيحي ودعوته إلى إنشاء نوع من القلعة أو الحصن الحضاري الواقي من الزحف الإسلامي والكونفوشيوسي في تصوره.
إن هذه المركزية التي يتمتع بها العالم الإسلامي، والبشارات المستقبلية التي ترشحه لأن يكون محور الحراك العالمي والحضاري مستقبلا، جعلت من الطبيعي أن يكون هدفا لكل السموم الإعلامية وأشكال الغزو الثقافي والحضاري، وذلك لأجل تخدير عقول الأجيال الحاضرة التي ستكون عماد المستقبل، للتحكم في هذا المستقبل، وإعاقته، وكبح طموحات أبنائه ممن هم من شباب اليوم.
إن الإعلام في عصرنا الحالي، يشكل بالنسبة للغرب إزاء العالم الإسلامي ما شكلته القيادات الاستعمارية الغربية المحلية بالأمس إبان الموجة الاستعمارية التي غمرت الدول العربية والإسلامية، فقد تمكن الغرب في جل هذه البلدان من تكوين نخبة متشبعة بقيمه ومبادئه، استطاعت فيما بعد أن تتحكم في دواليب السياسة والثقافة والاقتصاد، وأن تعطل مسيرة النهوض الحضاري والتجدد طوال خمسة عقود من الزمن. وما دام لم يعد ممكنا اليوم التوسل بأساليب الاستعمار المباشرة والسلطة العسكرية الغاشمة، فقد جاء الإعلام ليؤدي نفس الدور، ولكن من خلال ما يمكن تسميته بالسلطة الرمزية، أو(السلطة الناعمة) بتعبير الياباني "ناي أوونزي" التي أطلقها عام 1999 وعنى بها "القدرة على تحقيق مردود في الشؤون الدولية من خلال الاستقطاب أكثر مما يمكن تحقيقه عبر الإكراه البادي"، وعد من جملتها التأثير الإعلامي الكاسح.
**حرب القيم***
لقد شكلت إرهاصات العولمة بداية حرب جديدة بأدوات جديدة، والمؤكد أننا في القرن الحادي والعشرين على موعد مع حرب القيم والأنماط الحضارية، وستكون أعنف من جميع الحروب، لأنها ذات أساليب خفية.
وربما كانت العولمة نفسها هي أكثر هذه الأساليب خفاء، فالعولمة في ظل الاختلال الكبير بين الشمال والجنوب لا يمكنها إلا أن تكون احتلالا بغيضا، لأنها في ظل هذا الاختلال بمثابة ضخ المزيد من القوة والحيوية في ثقافة معولمة أصلا بالنسبة للجنوب، وهي الثقافة الغربية، فماذا بإمكان الجنوب تقديمه للغرب باسم هذه العولمة، وتحت شرعيتها العالمية؟ ليس بإمكانه سوى أن يحني ظهره أمام سيل جارف من البث الإعلامي الغربي، والذي يعبر عنه عبارة "التدفق الإعلامي" جيدا، لأن التدفق يعني الانسياب من جهة واحدة، هي هنا العالم الغربي والولايات المتحدة الأمريكية بوجه الخصوص.
خطورة حرب القيم غير المعلنة هذه، كونها تعتمد وسائل الإعلام الحديث قنوات لتسريب سمومها وتصويب سهامها الطائشة نحو الفئات الهشة في العالم الإسلامي، أي الأطفال والشباب من الجنسين، وكون الإعلام اليوم أصبح يغطي مساحة أوسع مما تغطيه الأسرة والمدرسة، والكتاب والنادي، مما أحدث تغييرا في مفاهيم وأساليب التنشئة التربوية والاجتماعية والنفسية. وتستهدف هذه الحرب علمنة الحياة اليومية للشباب العربي، وتغريب وعيه ولسانه أيضا، وإغراقه بشتى أساليب التسلية واللعب والكسل الفكري والعطالة الثقافية، والاغتراب الحضاري لفائدة النموذج الغربي (واحد من ثلاثة شبان عرب يحلمون بالهجرة)!
ويندفع الغرب اليوم في تطوير أساليب التوجيه الإعلامي والبث الفضائي والإذاعي في اتجاه العالم الإسلامي بشكل غير مسبوق، مركزا على فئة الشباب التي تسهل مخاطبة غرائزها ومداعبة أحلامها، وهناك اليوم قوة نارية ضخمة تتشكل من أزيد من 50 محطة إرسال، وتسعين موجة إذاعية، فيما يجري ضخ المزيد من هذه الترسانة الإعلامية الموجهة بالأساس نحو العالم العربي والإسلامي. وبعد الحادي عشر سبتمبر 2001، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أن الحرب ضد ما تسميه بالإرهاب - وتزعم أن جذوره موجودة في الإسلام- يجب أن تنطلق من البعد الثقافي، ومحاربة البنيات الثقافية في العالم الإسلامي.
وقد شرعت الولايات المتحدة في نهج سياسة إعلامية قوية للتبشير بمبادئها وأفكارها وإشاعتها في صفوف أبناء المسلمين، ففي شهر مايو 2001 تقدم السيناتور الأمريكي تيد كيندي لمجلس الشيوخ نيابة عن عشرة آخرين من أعضاء المجلس بمشروع يحمل اسم " الجسور الثقافية لعام 2002"، ترصد له ميزانية إضافية تبلغ 75 مليون دولار، هدفه احتواء شباب العالم الإسلامي ثقافيا، وصناعة قادة المستقبل في الدول الإسلامية من داخل المؤسسات الثقافية الأمريكية، ضمانا لاستمرار مسلسل التبعية الحضارية، وقال مستشار الأمن القومي في ولاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، في شرحه لأهمية إنشاء قناة فضائية إسرائيلية ناطقة بالعربية وموجهة إلى العالم العربي: "إن نصف الشعب في المملكة العربية السعودية تحت سن 30 عاما، وإن هذه الأجيال ليس لها معرفة بالاستعمار ولم تجربه، كذلك لم تجرب الحرب مع إسرائيل، ولم تعرف للقومية العربية انتصارا أو تحقيق آمال وطموحات".
هذه هي الأهداف والمخططات التي تستهدف غزو عقول الشباب في العالم العربي والإسلامي، وضرب مقومات الثبات لديه. وإذا علمنا ضعف أدائنا الإعلامي، وأن 70% تقريبا من مواد وبرامج الفضائيات العربية هي مواد مستوردة من الغرب، أدركنا كم أن المهمة صعبة ومتشعبة، وكم ستكون المعركة ضارية على جبهة القيم.
أصبح من قبيل التكرار أن الإعلام اليوم يشكل عصب الحياة المعاصرة، فنحن نعيش في عصر طابعه الغالب عليه انتشار البث الإعلامي وتوسع مدى هذا الانتشار على مستوى الكوكب. فالإعلام اليوم تجاوز الحدود وتخطى المسافات، بل قفز حتى على شروط الواقع الاجتماعي والتفاوت المجالي بين المدينة والقرية، بحيث إنك قد تجد مناطق في العالم العربي تفتقر إلى البنيات التحتية الضرورية كالربط الكهربائي مثلا، ولكنك تجد أن الإعلام حاضر فيها. ومن المعتاد أن يلاحظ المرء في هذه الجهات ذات المستوى التنموي المنخفض الأطباق اللاقطة أو (الدش) مزروعة فوق أسطح البيوت كالفطر.
وغني عن القول أننا في العالم العربي نعيش في وضع المستقبل والمتلقي، لا في وضع المرسل والباعث، إننا نتلقى البث الإعلامي ولا نصدره، وفي وضع كهذا تتزايد فرص الاختراق الثقافي، وتضيق مساحة الرؤية لدى جيل الشباب العربي، ويصبح للإعلام المعاصر الدور الأكبر في تشكيل وعي هذا الجيل، خصوصا في غياب البدائل الكفيلة بحفظ التوازن لديه، بين الارتباط بالهوية، والانسياق خلف البهرج الإعلامي الحديث.
**من الاستعمار إلى "السلطة الناعمة"***
يوجد الوطن العربي والعالم الإسلامي في مركز التأثير الإعلامي العالمي، والغربي منه بوجه الخصوص، ومرد هذه الأهمية أمران أساسيان: الأول أن العالم العربي والإسلامي هو المنطقة التي تضم أوسع قاعدة من شريحة الشباب، والشباب هو ضمير المستقبل. وتقول البحوث والدراسات التي أنجزت في الغرب حول مسألة التزايد السكاني في العالم إن المنطقة العربية ستضم عام 2025 نسبة من الشباب تفوق نصف السكان، هذا ناهيك عن الدول الإسلامية الواعدة ديموغرافيا، وفي مقابل هذا النمو في شريحة الشباب في الوطن العربي، ستواجه الدول الأوربية زحف الشيخوخة وتقلص شريحة الشباب. هذه المعادلة غير المتوازنة جعلت الغرب يدق ناقوس الخطر منذ وقت مبكر، ودفعته إلى نحت تعبير (القنبلة السكانية) في العالم الإسلامي، للتدليل على التهديد الذي يستشعره من التراجع السكاني فيه. ويقول عالم الديمغرافيا الفرنسي جون كلود تشيزني في كتاب حديث له بعنوان (أفول الغرب: السكان والسياسة) إن المعادلة السكانية المختلفة بين الغرب والإسلام ستؤدي بنظره إلى ما يسميه (انجراف القارات)، بسبب قوافل الهجرة نحو الغرب من بلدان العالم الإسلامي، ومن ثم إلى أفول الحضارة الغربية، أو ما يسميه (الدورة الحضارية الأوربية) التي ستتوقف.
أما الأمر الثاني، فهو الدين الإسلامي الذي يمضي في الانتشار. وتوضح الدراسات الاستشراقية الغربية أن الإسلام سيكون الدين الأول في العالم خلال العشرين سنة المقبلة، فيما ستتراجع نسبة معتنقي الديانتين المسيحية واليهودية والأديان الإحيائية الأخرى إلى مرتبة أدنى بعد الإسلام والكونفوشيوسية. وتلزم الإشارة في هذا الباب إلى أن نظرية صدام الحضارات للأمريكي صامويل هانتنغتون ترتكز على هذه المعطيات الرقمية، والمعطى الديمغرافي المذكور، وتخلص إلى تحذير الغرب المسيحي ودعوته إلى إنشاء نوع من القلعة أو الحصن الحضاري الواقي من الزحف الإسلامي والكونفوشيوسي في تصوره.
إن هذه المركزية التي يتمتع بها العالم الإسلامي، والبشارات المستقبلية التي ترشحه لأن يكون محور الحراك العالمي والحضاري مستقبلا، جعلت من الطبيعي أن يكون هدفا لكل السموم الإعلامية وأشكال الغزو الثقافي والحضاري، وذلك لأجل تخدير عقول الأجيال الحاضرة التي ستكون عماد المستقبل، للتحكم في هذا المستقبل، وإعاقته، وكبح طموحات أبنائه ممن هم من شباب اليوم.
إن الإعلام في عصرنا الحالي، يشكل بالنسبة للغرب إزاء العالم الإسلامي ما شكلته القيادات الاستعمارية الغربية المحلية بالأمس إبان الموجة الاستعمارية التي غمرت الدول العربية والإسلامية، فقد تمكن الغرب في جل هذه البلدان من تكوين نخبة متشبعة بقيمه ومبادئه، استطاعت فيما بعد أن تتحكم في دواليب السياسة والثقافة والاقتصاد، وأن تعطل مسيرة النهوض الحضاري والتجدد طوال خمسة عقود من الزمن. وما دام لم يعد ممكنا اليوم التوسل بأساليب الاستعمار المباشرة والسلطة العسكرية الغاشمة، فقد جاء الإعلام ليؤدي نفس الدور، ولكن من خلال ما يمكن تسميته بالسلطة الرمزية، أو(السلطة الناعمة) بتعبير الياباني "ناي أوونزي" التي أطلقها عام 1999 وعنى بها "القدرة على تحقيق مردود في الشؤون الدولية من خلال الاستقطاب أكثر مما يمكن تحقيقه عبر الإكراه البادي"، وعد من جملتها التأثير الإعلامي الكاسح.
**حرب القيم***
لقد شكلت إرهاصات العولمة بداية حرب جديدة بأدوات جديدة، والمؤكد أننا في القرن الحادي والعشرين على موعد مع حرب القيم والأنماط الحضارية، وستكون أعنف من جميع الحروب، لأنها ذات أساليب خفية.
وربما كانت العولمة نفسها هي أكثر هذه الأساليب خفاء، فالعولمة في ظل الاختلال الكبير بين الشمال والجنوب لا يمكنها إلا أن تكون احتلالا بغيضا، لأنها في ظل هذا الاختلال بمثابة ضخ المزيد من القوة والحيوية في ثقافة معولمة أصلا بالنسبة للجنوب، وهي الثقافة الغربية، فماذا بإمكان الجنوب تقديمه للغرب باسم هذه العولمة، وتحت شرعيتها العالمية؟ ليس بإمكانه سوى أن يحني ظهره أمام سيل جارف من البث الإعلامي الغربي، والذي يعبر عنه عبارة "التدفق الإعلامي" جيدا، لأن التدفق يعني الانسياب من جهة واحدة، هي هنا العالم الغربي والولايات المتحدة الأمريكية بوجه الخصوص.
خطورة حرب القيم غير المعلنة هذه، كونها تعتمد وسائل الإعلام الحديث قنوات لتسريب سمومها وتصويب سهامها الطائشة نحو الفئات الهشة في العالم الإسلامي، أي الأطفال والشباب من الجنسين، وكون الإعلام اليوم أصبح يغطي مساحة أوسع مما تغطيه الأسرة والمدرسة، والكتاب والنادي، مما أحدث تغييرا في مفاهيم وأساليب التنشئة التربوية والاجتماعية والنفسية. وتستهدف هذه الحرب علمنة الحياة اليومية للشباب العربي، وتغريب وعيه ولسانه أيضا، وإغراقه بشتى أساليب التسلية واللعب والكسل الفكري والعطالة الثقافية، والاغتراب الحضاري لفائدة النموذج الغربي (واحد من ثلاثة شبان عرب يحلمون بالهجرة)!
ويندفع الغرب اليوم في تطوير أساليب التوجيه الإعلامي والبث الفضائي والإذاعي في اتجاه العالم الإسلامي بشكل غير مسبوق، مركزا على فئة الشباب التي تسهل مخاطبة غرائزها ومداعبة أحلامها، وهناك اليوم قوة نارية ضخمة تتشكل من أزيد من 50 محطة إرسال، وتسعين موجة إذاعية، فيما يجري ضخ المزيد من هذه الترسانة الإعلامية الموجهة بالأساس نحو العالم العربي والإسلامي. وبعد الحادي عشر سبتمبر 2001، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أن الحرب ضد ما تسميه بالإرهاب - وتزعم أن جذوره موجودة في الإسلام- يجب أن تنطلق من البعد الثقافي، ومحاربة البنيات الثقافية في العالم الإسلامي.
وقد شرعت الولايات المتحدة في نهج سياسة إعلامية قوية للتبشير بمبادئها وأفكارها وإشاعتها في صفوف أبناء المسلمين، ففي شهر مايو 2001 تقدم السيناتور الأمريكي تيد كيندي لمجلس الشيوخ نيابة عن عشرة آخرين من أعضاء المجلس بمشروع يحمل اسم " الجسور الثقافية لعام 2002"، ترصد له ميزانية إضافية تبلغ 75 مليون دولار، هدفه احتواء شباب العالم الإسلامي ثقافيا، وصناعة قادة المستقبل في الدول الإسلامية من داخل المؤسسات الثقافية الأمريكية، ضمانا لاستمرار مسلسل التبعية الحضارية، وقال مستشار الأمن القومي في ولاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، في شرحه لأهمية إنشاء قناة فضائية إسرائيلية ناطقة بالعربية وموجهة إلى العالم العربي: "إن نصف الشعب في المملكة العربية السعودية تحت سن 30 عاما، وإن هذه الأجيال ليس لها معرفة بالاستعمار ولم تجربه، كذلك لم تجرب الحرب مع إسرائيل، ولم تعرف للقومية العربية انتصارا أو تحقيق آمال وطموحات".
هذه هي الأهداف والمخططات التي تستهدف غزو عقول الشباب في العالم العربي والإسلامي، وضرب مقومات الثبات لديه. وإذا علمنا ضعف أدائنا الإعلامي، وأن 70% تقريبا من مواد وبرامج الفضائيات العربية هي مواد مستوردة من الغرب، أدركنا كم أن المهمة صعبة ومتشعبة، وكم ستكون المعركة ضارية على جبهة القيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق