هل تحولت الإجازة إلى همّ وقلق حتى نُجهد أنفسنا في البحث عن سبل التخلص منها، وتمضية الأوقات ؟ سؤال جدير بالبحث والمناقشة.شباب يتحدثون عن إجازاتهم
شباب: إننا الآن في إجازة رسمية، انتهت الامتحانات الجامعية، ولم يعد لنا شيء نفعله، إننا كشباب لا نستطيع الجلوس في المنزل، فهو أمر مزعج ، فلا بد من الخروج إلى أي مكان لتمضية الوقت. نحن لا يربطنا وقت ولا زمن، نجلس إلى ما شاء الله، ولا يقطعنا عن الاجتماع إلا مناسبة عائلية مهمة لا بد من حضورها أو شغل طارئ يعرض لأحدنا .. وقال آخر: إننا هنا نمضي أوقاتنا تارة باللعب وأخرى بالكلام ..، المهم تمضية الوقت فقد أصبح الوقت طويلاً جدًا ومملاً!
وفي مكان بعيد عن الطريق في إحدى البراري ، التقى شبان آخرون وقد أوقدوا الفحم واستعدوا للشواء، وحولهم مجموعات أخرى .. التلفاز يعمل وهم في غفلة عنه ، والأصوات تعالت ...
ما الذي تعنيه لكم الإجازة ؟
الإجازة في الحقيقة أول ما تبدأ تجلب لنا السعادة والسرور، إذ ننطلق دون هم نحمله نحقق ما تصبو إليه نفوسنا من اللهو واللعب والاجتماع والأنس، ولكن لا تلبث بعد قليل أن تكون هما ثقيلاً علينا، إذ كيف نمضي هذا الوقت الطويل دون ملل وسآمة وبلا رتابة وتكلف؟!
وكيف يكون الحال في النهار؟ في النوم طبعًا، إلى الظهر أو إلى العصر أحيانًا، إن السمر لا يصلح إلا في الليل. هذا فضلاً عن الشباب الذين يتسكعون في الأسواق ويزدحمون في الشوارع والمطاعم وينفثون دخانهم في المقاهي...
آراء المختصين
يتحدث الدكتور عمر بن سعود العيد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) عن قسمين من الشباب : قسم يظن أن الإجازة هي فترة نوم وكسل وسهر وتفريط، بل إن بعض الشباب يعتقد أن الإجازة فرصة للعكوف على المعاصي والظلمات، فلا يجني الإنسان من ورائها إلا سيئات بعضها فوق بعض وظلمات بعضها فوق بعض ونعوذ بالله أن نكون ممن يملأ أيامه وعمره بالذنوب والمعاصي .
وقسم آخر - وهم قليل- يشعرون بأن الإجازة فرصة للاستفادة المعنوية والمادية والروحية، فقد استعدوا لها قبل مجيئها، وأهلوا أنفسهم لها قبل حلولها، وهؤلاء تجدهم في إجازتهم فرحين مستبشرين بما يجدونه من زيادة في المعرفة والعلم، وبما يحققونه من فوائد جمة لا تتاح لهم في غير الإجازات.
الدكتور سعد البريك (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) يؤكد أن الإجازة قطعة من العمر وليست خارج الزمن، ويحذر من الوقوع تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
كيف تخطط للاستفادة من الإجازة
الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن الدهش (المستشار بوزارة المعارف وعضو هيئة التدريس بكلية المعلمين) يطرح على الشباب السؤال التالي: كيف تقضي الإجازة الصيفية ؟ اعتبر أن هذا السؤال وجهه إليك صديق ، ترى بماذا ستجيب؟ أرجو أن تقترح إجابة قابلة للنشر لا تزيد عن ثلاثة أسطر.
اسأل نفسك بعد ذلك : ما أهم ثلاثة أعمال أو مشروعات قضيت بها الإجازة الماضية ؟
بعد تأملك في الإجابات السابقة انظر هل تزيد درجة الرضا عن نفسك عن خمسين في المائة؟ إذا كانت كذلك فاعمل على زيادتها قد تكون أقل من خمسين في المائة إذا فأنت تتفق معي على أن الأمر بحاجة إلى مراجعة ومحاسبة.
من هنا يبدأ التخطيط
وإذا كنت فعلاً ممن يبحثون عن الجدية في الاستفادة من وقت الإجازة فإني أعرض عليك طريقة تعينك على التخطيط الصحيح:
أمسك قلمًا وورقة مناسبة، وارسم فيها جدولا مكونا من أربعة حقول، الحقل الأعلى وهو الكبير تضع فيه كل ما تتمنى تحقيقه في حياتك، الحقل الثاني سيكون للطرق والوسائل التي تحقق هذه الأمنيات والتي ستقوم أنت بها، وسيكون الحقل الثالث للطرق والوسائل التي يمكن للآخرين أن يستخدموها لحققوا بها تلك الأمنيات، أما الحقل الأخير فسيكون لبعض الملاحظات والأفكار التي تعينك على تحقيق ما ذكرته أعلاه.
ابدأ أولا بالحقل الكبير، وضع فيه ما تتمنى تحقيقه في حياتك ... أعد النظر في هذه الأمنية وتأمل هل تستحق هذه الأمنية أن تصرف لها حياتك، إن كانت الإجابة بلا فأعد صياغة الأمنية، وإن كانت بنعم فاكتب في الحقل الثاني هذه العبارة "أستطيع بإذن الله تحقيق هذه الأمنية بما يأتي" : (وهنا أرجو أن تكتب ما تستطيع من وسائل وطرق)
اكتب أيضًا في الحقل الثالث الطرق والوسائل التي يمكن للآخرين أن يستخدموها لتحقيق مثل هذه الأمنية.
وهنا أسألك هل هناك فرق بين وسائلك ووسائل الآخرين لتحقيق أمنياتهم؟ إذا لم يكن هناك فرق فأنت رجل عادي، وإن كان هناك فرق فأنت أقرب إلى الإبداع إذا كانت وسائلك أفضل، ومع ذلك يمكنك أن تستفيد من وسائل الآخرين وتضيفها إلى وسائلك. أما إذا كانت وسائلك أقل فإن عليك أن تزيد في همتك، وتستفيد من خبرات الآخرين.
الحقل الأخير في هذا الجدول ستكتب فيه بعض الأفكار والملاحظات وغير ذلك مما هو متعلق بما كتبته بدقة قبل ذلك.
أخيرا أيها الشاب حتى تكون عمليًا فعالاً ومبدعًا وذكيًا نفذ أكبر قدر من البرامج والمشروعات الصغيرة التي ذكرتها خلال الإجازة.
أفكار للاستفادة من الوقت أيام الإجازات
ويقترح الدكتور عمر العيد بعض الأفكار التي يمكن للشباب الاستفادة منها في قضاء الإجازة مستندًا إلى مبدأ مهم هو قضاء الوقت فيما يرضي الله ويبعد عن سخطه وغضبه، فالأوقات إذا لم تملأ بالطاعات فإنها ستملأ بالمعاصي والمنكرات.
من ذلك زيارة العلماء وطلبة العلم، وصلة الأرحام ومواساتهم وإسداء المعروف لهم ،
وتعلم القرآن وتعليمه لقوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".
في حين يضيف الدكتور الدهش:
- هل خطر في ذهنك أيها الشاب أن تعد لنزهة خلوية ممتعة ونظيفة مع بعض زملائك، ويوضع لها برنامج سابق يشتمل على ما هو نافع ومفيد من موضوعات هادفة وبرامج رياضية نافعة وزيارات للأماكن التي يعود أثرها على المرء.
- لماذا لا تكون الإجازة فرصة للاستفادة من دورات الحاسب الآلي لزيادة معرفتك واطلاعك عليه؟
- ليكن في وقتك نصيب للقراءة والاطلاع على كتب الأدب الهادفة والتاريخ، فإن فيها أثرا في شحذ الهمة ورفعة النفس وقوة العزيمة والتخلق بأخلاق العرب والمسلمين.
- قد تكون الإجازة فرصة لإعداد ملف عن موضوع معين نشرت عنه بعض الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، فاستغلها ولا تتردد ولا تؤجل، ولتكن هذه أول تجربة لك
شباب: إننا الآن في إجازة رسمية، انتهت الامتحانات الجامعية، ولم يعد لنا شيء نفعله، إننا كشباب لا نستطيع الجلوس في المنزل، فهو أمر مزعج ، فلا بد من الخروج إلى أي مكان لتمضية الوقت. نحن لا يربطنا وقت ولا زمن، نجلس إلى ما شاء الله، ولا يقطعنا عن الاجتماع إلا مناسبة عائلية مهمة لا بد من حضورها أو شغل طارئ يعرض لأحدنا .. وقال آخر: إننا هنا نمضي أوقاتنا تارة باللعب وأخرى بالكلام ..، المهم تمضية الوقت فقد أصبح الوقت طويلاً جدًا ومملاً!
وفي مكان بعيد عن الطريق في إحدى البراري ، التقى شبان آخرون وقد أوقدوا الفحم واستعدوا للشواء، وحولهم مجموعات أخرى .. التلفاز يعمل وهم في غفلة عنه ، والأصوات تعالت ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق